"لا يشهد التاريخ أنواعا من التجديد و الابتكار فقط، بل أنواعا من التدمير أيضا. و أنواع التدمير هاته قد يكون مصدرها تطورات جديدة: فالتطورات التي شهدتها التقنية والصناعة و الرأسمالية كلها عملت على تدمير الحضارات التقليدية (...) و علاوة على الضياع الأبدي للكثير من المكتسبات، من جراء ما حصل من نكبات تاريخية، فقد تم هدم العديد من المعارف و من الأعمال الفكرية و من التحف...
يكشف لنا التاريخ عن
العديد من الابتكارات المدهشة مثلما وقع قديما في اليونان، حيث ظهرت في نفس الوقت
الديموقراطية و الفلسفة كما ظهرت أنواع أخرى من التدمير لم تمس المجتمعات فقط بل
حتى الحضارات.
التاريخ لا يسير وفق تطور
خطي. إنه يعرف اضطرابات و تفرعات و انحرافات كما يشهد فترات قارة و حالات من
الركود و مراحل كمون، تليها بعد ذلك صراعات حادة و أنماط من التقدم و التراجع.
للتاريخ، إذن، وجهتان متناقضتان: الحضارة و الوحشية، البناء و الهدم."
حلل (ي) النص و ناقشه (يه).
الامتحان الوطني الموحد للبكالوريا الدورة العادية 2015 مسلك الآداب
مطلب الفهم
يتعين على المترشح (ة) في معالجته للنص أن يحدد موضوعه
(مفهوم التاريخ).
و أن يصوغ
إشكاله المتعلق بالتاريخ و فكرة التقدم عبرالبحث في أشكاله وطبائعه
و يطرح أسئلته الأساسية الموجهة للتحليل و المناقشة من
قبيل: ما التاريخ؟ ما التقدم؟ إلى أين يتجه التاريخ؟ هل التقدم هو الوجهة الوحيدة
للتاريخ ؟ ألا يشهد التاريخ أشكالا من التراجع والانحطاط ؟ هل التاريخ يقوم على
البناء والتأسيس أم أنه يتضمن أشكالا للهدم والتدمير ؟ هل تقدم التاريخ كان دوما
وفق خط متصل تصاعدي ؟ أي أن اللاحق يبنى على السابق ؟أم أن التقدم كان وفق طفرات
وقفزات ؟
يعالج النص موضوعا ذي صلة بالوضع البشري في
ارتباطه بالبعد التاريخي، باعتباره سيرورة أحداث ووقائع تشهد على الفاعلية البشرية
وفي مختلف الميادين والمجالات. وهو يتطرق لجزئية أساسية تتعلق بالتطور التاريخي،
عبر البحث في أشكاله وطبائعه .فلا أحد يجادل أن الإنسانية عرفت تطورا وتقدما هائلا
وعلى جميع المستويات ،سواء كانت معرفية أو اجتماعية أو علمية...فمعارفنا اليوم
وأسلوب عيشنا ووسائل اتصالنا وتنقلاتنا ... أكثر تقدما مما كان عليه الوضع بالأمس
القريب. فتقدم اليوم عن الأمس ملحوظ وتقدم الغد عن اليوم مأمول، لكن تقدم
الإنسانية طرح أكثر من علامة استفهام بسبب ما طرحه هذا التقدم نفسه على مستوى حياة
الإنسان ومصيره بفعل انتشار عوامل الهدم والتدمير.
فما التاريخ؟ وما التقدم؟ هل تقدم التاريخ كان دوما وفق
خط متصل تصاعدي ؟ أي أن اللاحق يبنى على السابق ؟ أم أن التقدم كان وفق طفرات
وقفزات ؟ إلى أين يتجه التاريخ؟ هل التقدم هو الوجهة الوحيدة للتاريخ ؟ ألا يشهد
التاريخ أشكالا من التراجع والانحطاط ؟ هل التاريخ يقوم على البناء والتأسيس أم
أنه يتضمن أشكالا للهدم والتدمير؟
مطلب التحليل
· يتعين
على المترشح (ة) في تحليله تحديد
أطروحة النص و
شرحها، و تحديد
مفاهيمه و بيان
العلاقات التي تربط بينها، وتحليل
الحجاج المعتمد في
الدفاع عن تلك الأطروحة التي مفادها التقدم التاريخي له مساران مختلفان : فهناك
الخط التصاعدي، وهناك الخط التراجعي. و يمكن أن يتم ذلك من خلال تناول العناصر الآتية:
· التأكيد
على أن التاريخ له وجهتان متناقضتان: الحضارة و الوحشية، البناء و
الهدم." فهناك التقدم والتكور وهناك التراجع والتخلف (الاطروحة)
· تحديد
مفاهيم النص: التاريخ، التقدم، التراجع، التدمير، و بيان العلاقات التي تربط بينها
( تضمن، تضادا...) التاريخ : علم من العلوم الإنسانية يهتم بماضي الإنسان ويتناول
دراسة الحوادث التاريخية باعتبارها ظواهر تحمل دلالات إنسانية، أما التقدم: فهو تحول متدرج، من الأقل حسنا إلى الأحسن، وقد
يكون في مجال محدد كما يمكن أن يشمل كل المجالات. أما التراجع، فهو ضد التقدم ويعني التقهقر والتدهور. والتدمير: ويحيل على التخريب والدمار والتحطيم...والعلاقة
بين هذه المفاهيم تؤكد على أن التاريخ يتضمن شكلين متعارضين : التقدم والتراجع.
· يشهدا
التاريخ أنماطا من الابتكار و التجديد، و البناء و الحضارة .
· كما
يعرف التاريخ أشكالا من الهدم و التدمير، و الهمجية .
·يعرف التاريخ تنوعا في مساراته .
·التاريخ ذو وجهتين : التقدم و التراجع و هما سيرورتان
مترابطتان ممكنتان في تطور الأمم...
مطلب المناقشة
يتعين على المترشح (ة) أن يناقش الأطروحة من خلال مساءلة
منطلقاتها
و نتائجها مع إبراز قيمتها و حدودها و فتح إمكانيات أخرى للتفكير في الإشكال
الذي تثيره، و يمكن أن يتم ذلك من خلال العناصر الآتية :
← إبراز قيمة الأطروحة :
-التنبيه إلى تعدد مسارات التاريخ .
- المسار الدائري للسيرورة التاريخية (ابن خلدون)والذي من مكوناته التراجع .
- التشكيك في التفاؤل بالتقدم التاريخي .الاستلاب التقني وفقدان قيمة الإنسان
.
- المنظور التراجعي للتاريخ، تاريخ العلم تاريخ أخطاء وقطائع (
إدغار موران)
← إبراز حدود الأطروحة :
- التاريخ سيرورة خطية تتجه نحو غاية محددة هي التقدم و هو ما يؤكده تطور
العلم و التقنية و غيرهما (ليبنيز) .
- قد يكون للتاريخ أكثر من مسار و كل تراجعاته قد تكون عاملا مساعدا على
التقدم
- التقدم التاريخ يقوم على الاحتفاظ والإضافة ( رايمون آرون)
- فاعلية الإنسان تجعله قادرا على صنع التاريخ و توجيه مساره.(سارتر)
مطلب التركيب
· يتعين
على المترشح (ة) أن يصوغ تركيبا يستخلص فيه نتائج تحليله و مناقشته مع إمكانية
تقديم رأي شخصي مدعم، يمكن أن يتم ذلك من خلال :
· إبراز
أهمية موضوع التاريخ بوصفه بعدا رئيسا من أبعاد الوضع البشري.
· الإشارة
إلى الطابع الإشكالي لمسألة التقدم في التاريخ وتعدد مسارته بين متفائل ومتشاءم .
· التأكيد على أن إنكار التقدم لا يلغي فاعلية الإنسان ودوره في بناء الحضارة...
لتحميل درس التاريخ من هنا
لتحميل منهجية النص بصيغة PDF من هنا
مشاهدة تمرين تطريقي على منهجية النص الفلسفي من هنا