Type Here to Get Search Results !

دروس مادة الفلسفة PDF التاريخ

 

يسعد مدونة بيت الحكمة أن تقدم لتلامذتنا وزوارنا الأعزاء دروس مادة الفلسفة

 لكل الشعب والمسالك

مجزوءة الوضع البشري

بعد التطرق إلى وضع الإنسان في بعديه الذاتي ـ الشخص ـ والعلائقي ـ علاقته بالغير ـ نحاول ضمن هذا المفهوم الولوج إلى حقل وبعد أساسي من أبعاد الوجود الإنساني، ألا وهو الوجود التاريخي للإنسان. هذا الولوج لابد وأن يستوقفنا عند مفهوم التاريخ .

يحمل مفهوم التاريخ في اللسان العربي دلالتين مختلفتين، كل منهما تضعنا أمام تحديات وإشكالات فلسفية. بحيث تشير الدلالة الأولى إلى سلسلة الأحداث والوقائع والصور التي تنتمي إلى ماضي الإنسان ـ أحداث الحرب العالمية الثانية مثلا ـ وهنا نكون إزاء أسئلة أساسية تدور حول دور الإنسان في صناعة هذه الأحداث التاريخية، إلى جانب المنطق المتحكم في هذه الصيرورة التاريخية.
أما بخصوص الدلالة الثانية فهي تشير إلى تلك المعارف التي نمتلكها بخصوص الماضي الإنساني، وهو ما يفتح الباب للتساؤل عن مصداقية وموضوعية هذه المعارف.

فمفهوم التاريخ شكل بعدا أساسيا من أبعاد الوجود البشري، فالإنسان لا يوجد بوصفه شخصا فقط، ولا يوجد في علاقته بالغير فقط، بل إنه كذلك موجود وجودا تاريخيا مرتبط بزمان ومكان ووقائع وأحدا معينة ومحدودة. هذه الأحداث والوقائع التي قد صنعها الإنسان، كما أنها ممكن أن تكون سببا في صنع تاريخ الإنسان كذلك. الأمر الذي يضعنا أمام مفارقات واشكالات يمكن صياغتها على الشكل التالي :
هل المعرفة التي نمتلكها عن التاريخ معرفة موضوعية وخالصة ؟
وهل التقدم التاريخ تقدم تصاعدي متصل أم أنه خاضع لمنطق الطفرات ؟
هل الإنسان صانع للتاريخ أم أنه مجرد كائن خاضع لأحداثه ؟
المحور الأول المعرفة التاريخية

إذا كان التاريخ مجموعة من الوقائع والأحداث المنتمية للماضي الإنساني، فإنه مع ذلك ننظر إليه كمعرفة نكونها ونمتلكها عن ماضينا الإنساني. فما طبيعة هذه المعرفة التي نكونها عن الماضي؟ هل هي معرفة علمية قائمة على منهج علمي ؟ أم مجرد معرفة عامية قائمة على السرد والخيال ؟ هل يمكن الحديث عن موضوعية المعرفة التاريخية وحياديتها ؟

موقف ماكس فيبر: يرى فيبر أن الحوادث التاريخية تتصف بميزتين أساسيتين يحولان دون الحديث عن موضوعية حقيقية للمعرفة التاريخية .فهناك من جهة كثافة الحوادث التاريخية وكثرتها مع ما يطرح ذلك من صعوبة الإحاطة بكل هته الحوادث، و من جهة أخرى فإن وقائع الماضي حوادث متفردة لا تسمح ببناء قوانين ثابتة كما هو حال العلوم . فالظاهرة الإنسانية لا يمكن بأي حال من الأحوال قياسها على الظاهرة العلمية. ففي كل ميدان علمي يتم صياغة نتائج البحث في شكل قوانين كلية عامة تسري على كل الظواهر المتشابهة قانون سقوط الأجسام مثلا(  أما بخصوص الظاهرة التاريخية فالقوانين التي تحكم حدث أو أحداث ما، ليست بالضرورة هي نفسها التي ستسري على باقي الحوادث التاريخية الأخرى أسباب الحروب لست بالضرورة أسباب عامة تتقاسمها كل النزاعات، بل منها السياسية و الاقتصادية ، والجغرافية والثقافية والعرقية(  فلا يمكن بأي حال من الأحوال الحديث عن حيادية المعرفة التاريخية لأسباب موضوعية كما سبق معنا، إضافة لذلك، فإن تدخل البعد الذاتي يحول دون بناء معرفة موضوعية للتاريخ. فالمؤرخ ليس أداة أو آلة بل إنه ذات تتداخل فيه مجموعة من المكونات الثقافية والاجتماعية والسيكولوجية والايديولوجية ...والتي توجهه في الاتجاه التي تراه يخدم مصالحها. فالمعرفة التاريخية التي نجدها لدى المؤرخ المغربي أو الجزائري عن فترة الاستعمار مثلا، لست هي نفس المعرفة التي سنجدها لدى المؤرخ الفرنسي . وعليه يعتبر فيبر أن المعرفة التاريخية ليست معرفة موضوعية بأي حال من الأحوال.

موقف جون جاك روسو إن المعرفة التاريخية ليست حيادية ولا موضوعية، فهي لا تنقل إلا الجانب المظلم والعنيف من التاريخ، أما الجوانب المشرقة والايجابية فلا تشير إليها. كما أن الأحداث التاريخية لا تطابق دائما الوقائع المادية، بفعل ارتباطها بذهن المؤرخ ووجهة نظره أو مصالحه الخاصة، فتحيز المؤرخ يحول دون الحديث عن موضوعية المعرفة التاريخية.

ومن بين التأثيرات الذاتية كذلك على نقل الحدث التاريخي ما يتعلق بكيفية روايته وسرده والتي يمكن أن يضاف له أو يجتزأ منه. زد على ذلك أن الحوادث التاريخية دائما ما تنقل بدون تحديد الأسباب التي تبقى مجهولة وخفية، وحتى إذا ذكرت، فهي أسباب خاصة مرتبطة بوجهة نظر المؤرخ وليست الأسباب الحقيقة .
موقف شوبنهاور : يميز بين التاريخ والعلم، فإذا كان هذا الأخيرة قائم على صياغة نتائجه ضمن قوانين كلية وعامة تسري على كل الظواهر الخاصة والمتفردة، انطلاقا من مبدأ التعميم، فإن التاريخ غير قادر على الانتقال من الكلي إلى الخاص، بسبب فرادة وخصوصية ظواهره، إضافة إلى اعتماده على التجربة المعاشة والتي تبقى تجربة خاصة لا يمكن تعميمها، مما يعني أن معارفه هي معارف ناقصة وقاصرة على الإحاطة بالحدث التاريخي في كليته.
موقف رايمون آرون : يعتبر أرون أن المعرفة التاريخية هي إعادة إنتاج الماضي وما سيأتي ،لأن ما يعاش اليوم سيصير غدا من الماضي، فالعالم الواقعي الآني سيتحول إلى عالم الماضي، وكل واقعة فيزيائية ستتحول إلى واقعة ماضوية، وهته الوقائع الفيزيائية تصلنا من خلال الوثائق والآثار التي تعتبر بمثابة إرث تاريخي تم جمعه وانتقائه تبعا لإرادة التاريخ والمؤرخ. وعند الحديث عن هذه الإرادتين ينتفي الحديث عن الموضوعية والحياد والعلمية.

إن المعرفة التاريخية التي نكونها عن الماضي تأتينا من خلال الآثار، يعني أن ما نريد معرفته ليس موجودا، بل كان موجودا، فموضوع التاريخ واقع لم يعد له وجود. ومن هنا يتضح وجود مسافة زمانية بين التاريخ ومحاولة معرفته، هذه المسافة ستحول دون بناء أي معرفة علمية وموضوعة بالتاريخ .

 لتنزيل الملخص كاملا بصيغة PDF أنقر أسفله

المفهوم الثالث:التاريخ



***********************


***********************

إرسال تعليق

0 تعليقات
* Please Don't Spam Here. All the Comments are Reviewed by Admin.

Top Post Ad

Below Post Ad