المحور الأول : التمييز بين الطبيعة والثقافة:
تتعدد دلالات ومعاني مفهوم الطبيعة تبعا للسياقات التي يوظف فيها،
وفي هذا الصدد يمكن الوقوف عند الدلالات التالية :
الدلالة المشتركة (العامية) : يستعمل لفظ "
الطبيعة" لوصف مجموعة من الموجودات المادية كالجبال والحقول والأشجار
والأنهار والوديان...، كما يطلق لوصف المزاج والسلوك الإنساني كأن نقول :"هذا
شخص طبيعي"، أو لوصف شيء معين كقولنا : " هذه مادة طبيعة، أو منتوج
طبيعي"
الدلالة اللغوية : مفهوم الطبيعة
مشتق من الفعل الثلاثي طبع ( وهو يحيل على النسخ، المصادقة والتوقيع...) ومصدره
الطبع بمعنى الفطرة والسجية والطباع التي تميز الفرد...
وفي المصطلح الفرنسي مشتق
من كلمة Physis الإغريقية و Natura اللاتينية، وهي بمعنى
القدرة على النمو الكامنة في كل الأشياء أي القوة الحاضرة فيها، وهي قدرة يجد
الإنسان نفسه بداخلها دوما، مثل السماء والأرض والكواكب والنجوم، لأنها كلها ضمن
الطبيعة.
الدلالة الفلسفية : غير أن هذا المفهوم سيتم
تناوله بمعنى آخر خاصة مع أفلاطون وأرسطو وهو أن طبيعة شيء ما هو فكرته أو شكله، و
ماهيته أي جوهره وكنهه. فالطبيعة الأولى هي الماهية.
وعموما الطبيعة تحيل على كل
ما لم تتدخل فيه الفاعلية الإنسانية، ويبقى على حاله الأول، قد يكون خارجيا (
فيزيائيا ) أو داخليا ( بيولوجيا)، مما يدل على وجود عالمين هما العالم المادي،
والعالم الإنساني.
2 - مفهوم
الثقافة
هناك تعدد في تعاريف مفهوم
الثقافة، لكنها جميعها تتفق عامة في القول بأن الثقافة تعلم وبأنها تسمح للإنسان
بالتكيف مع وسطه الطبيعي ... وأنها تتجسد في المؤسسات وفي طرق التفكير و في
الأشياء العادية.
هي ذلك الكل المركب الذي يشمل المعارف والمعتقدات والفن والأخلاق والقوانين والتقاليد وكل الأعراف الأخرى والعادات المكتسبة من طرف الإنسان باعتباره عضوا في مجتمع.