Type Here to Get Search Results !

اللغة كمظهر ثقافي / اللغة الإنسانية والتواصل الحيواني

 

المحور الثاني : مظاهر الثقافة لدى الإنسان

وضعية الانطلاق : إن التحديد الذي اوليناه لمفهوم الثقافة تحديد متعلق بالإنسان دون سواه من الكائنات الاخرى، وهو ما يجعله مختصا ومتفردا بالثقافة، من خلال تمثلها وتمظهرها في مجموعة من الأشكال لغوية، فنية، قانونية، مؤسساتية ، تبادلية ...

إن انتقال الإنسان إلى عالم الثقافة مكنه من إنتاج مجموعة من الأدوات والوسائل التي ساعدته على التكيف مع البيئة الثقافية، كما وضع نظاما رمزيا للتواصل جسدته اللغة ونظاما اجتماعيا لتنظيم حياته مثلته المؤسسات، ونظاما معيشيا لتيسير سبل الحياة تمثل في أنواع التبادل المختلفة.فما هي مظاهر الثقافة وتجلياتها عند الإنسان ؟ 

1  - اللغة كظهر ثقافي

تحليل نص ليفي ستراوس

إشكال النص :

ما هو المعيار الذي يمكن التمييز من خلاله بين ما هو طبيعي وما هو ثقافي ؟ وما هي العلامة المميزة للإنسان عن مجموع الكائنات الحية ؟

أطروحة النص :

يرى كلود ليفي ستراوس أن العلامة المميزة للثقافة عن الطبيعة تتمثل في اللغة القابلة للترجمة لا في الإنتاج والتصنيع .

التحليل :

لقد توصلنا في المحور الأول إلى أن الإنتاج والتصنيع والاستخراج بمثابة آليات تنقل الإنسان من وضعه الطبيعي ككائن حي، إلى وضعه الثقافي كإنسان.

وهو ما لا يتفق معه الفيلسوف الفرنسي كلود ليفي ستراوس معتبرا أن اللغة القابلة للترجمة يمكن أن تشكل أساسا للتمييز بين ما هو طبيعي وما هو ثقافي، بين المجموع الكائنات الحية من جهة والإنسان من جهة أخرى. ودليله يتمثل في إمكانية العثور على كائنات فضائية في كوكب مجهول تصنع أدوات إلا أن ذلك لن يكون كافيا لاعتبارها كائنات تنتمي للعالم الإنساني (هذا فيما يتعلق بالدليل الافتراضي) .

كما تقدم لنا الطبيعة مجموعة من النماذج لكائنات تمكنت من ممارسة أفعال التغيير والإنتاج والتصنيع كحال الطيور والنحل والنمل... فرغم التصنيع  الذي تقوم به إلا أننا ما زلنا نعتقد انها كائنات تنتمي للمستوى الطبيعي، والسبب في ذلك يعود لعدم توفرها على لغة يمكن أن نتواصل معها .  

   فليفي ستراوس لا يقدم الإنسان باعتباره صانعا، فالصناعة ليست علامة مميزة للثقافة، بل ما يجعل الإنسان إنسانا وينتمي إلى عالم الثقافة هو قدرته على التواصل اللغوي اللساني مع أفراد مجموعته البشرية، وبهذا فاللغة هذه الاداة الاساسية والوسيلة التي تميز الإنسان عن باقي الموجودات باعتباره كائن ثقافي.
    وقد عملت الدراسات والأبحاث العلمية على إثبات أن اللغة موقوفة على الإنسان وحده دون غيره، وهذا يبرز من خلال الدراسات التي أجراها كارل فون فريش على خلية النحل ، إذ حاول بنفنست من خلالها المقارنة بين الإنسان والحيوان الخروج بمجموعة من الخواص وهي تميز اللغة الإنسانية من حيث الطبيعة والمقاصد عن التواصل الحيواني، فاللغة البشرية يتحكم فيها جهاز صوتي وعلى العكس نعثر على أن الرسالة عند النحل تعتمد كليا على الحركة من خلال الرقصة. فهذا التواصل الذي يحدث بين النحل ليس صوتي بل حركي مما يحتم ضرورة توفر الظروف المناسبة لإدراك محتوى الرسالة والمتمثل في توفر الرؤية التي لا يمكن أن تتم في الظلام، أما اللغة الإنسانية فهي لا تعرف هذا التضييق. وإذا ما انتبهنا إلى لغة الإنسان فهي تتحدد بوصفها لغة حوارية تعتمد على تبادل الرسائل اللغوية و الخوض في مواضيع متعددة، وعل العكس من هذا فالتواصل عند النحل يتعلق بالمحتوى الواحد وهو الغداء مع غياب الحوار بل هناك الاستجابة الفورية تجاه معطيات الرسالة التي تبدو غير قابلة للتحليل والتفكيك وإعادة التركيب، غير أن اللغة الإنسانية نجدها تتفرد بمعطى التمفصل والتقطيع وإعادة التركيب.

إذن هناك فوارق واضحة بين اللغة الإنسانية والتواصل الحيواني الذي لا يرقى إلى مستوى اللغة عند الإنسان وبالتالي فكل لغة تواصل وليس كل تواصل لغة.

لمتابعة المقطع على اليوتوب انقر هنا

أنماط العيش والتبادل كمظهر ثقافي من هنا

المؤسسات كمظهر ثقافي من هنا 




***********************


***********************

إرسال تعليق

0 تعليقات
* Please Don't Spam Here. All the Comments are Reviewed by Admin.

Top Post Ad

Below Post Ad