تحليل ومناقشة نص فلسفي
إذا كانت الحقيقة هي الهدف الوحيد الذي يستحق أن
نستعى إليه، فهل نستطيع أن نأمل في الوصول إليها؟ هذا ما يمكن الشك فيه. فالحقيقة
التي يمكن أن نرى ليست بالتمام هي ما يطلق عليه أغلب الناس هذا الاسم. هل يعني هذا
أن تطلعنا الأكثر مشروعية وإلحاحا هو في نفس الوقت التطلع الأكثر وَهما، أم هل
نستطيع رغم ذلك أن نقترب من الحقيقة من جهة ما؟ هذا ما يجدر بنا بحثه.
لنتساءل في البداية : ما هي الأداة أو الوسيلة التي
نتوفر عليها للقيام بهذا الأمر؟ إنها عقل الإنسان، أو بمعنى أصح، عقل العاِلم. و
لكن ألا يتصف هذا العقل بالتنوع؟ فعقل العاِلم الرياضي لا يشبه عقل العالِم
الفيزيائي أو عالِم الطبيعيات، وهذه مسألة يقر بها الجميع، بل إن علماء الرياضيات
أنفستهم لا يتشابهون فيما بينهم، فبعضهم لا يعتمد إلا على المنطق الصارم، والبعض
الآخر يلجأ إلى الحدس ويرى فيه المنبع والمصدر الوحيد لاكتشاف الحقيق. وهذا ما
يشكل مدعاة للشك والارتياب. فهل يمكن أن تظهر المبرهنات الرياضية (مثلا) بنفس
الشكل لعقول في مثل هذا التباين؟ وهل الحقيقة التي ليست واحدة بالنسبة للجميع هي
حقيقة؟ إن هذا قد يدفعنا إلى الشك، غير أننا لو نظرنا إلى الأمر عن كثب، لرأينا
كيف يتعاون هؤلاء العلماء المختلفون على إنجاز عمل مشترك لا يمكن أن يتحقق بدون
تعاونهم، وفي هذا الأمر ما يدعو إلى الاطمئنان... فلا شك أن الحقيقة المستقلة كليا
عن العقل الذي يتصورها و يحس بها حقيقة مستحيلة ."
حلل (ي) النص و ناقشه (يه).
مطلب الفهم
يتعين على المترشح (ة) في معالجته للنص أن يحدد
موضوعه (مفهوم الحقيقة) .
و أن يصوغ إشكاله المتعلق
بمعايير الحقيقة ، أي بالأسس التي من خلالها نميز بين ما هو حقيقي ما هو غير حقيقي .
و يطرح أسئلته الأساسية الموجهة للتحليل والمناقشة من قبيل : ما الحقيقة ؟ ما المعايير ؟ ما الحدس ؟ ما معايير الحقيق ؟ هل الحقيقة تقوم على معيار التماسك المنطقي ؟ أم على الحدس ؟ أم من خلال التطابق مع الواقع ؟ هل معيار الحقيقة عقلاني ام تجريبي ؟ ....
يعالج النص قضية فلسفية ارتبطت
بحقول معرفية مختلفة ومتعددة (ميتافيزيقية، علمية، دينية...) ويتعلق الأمر بمفهوم
الحقيقة و البحث عن المعايير والأسس التي من خلاها يمكن تمييزها عن أضدادها (اللاحقيقة)، أي تمييز الحقيقة عن الوهم والخطأ
والكذب . والحديث عن معايير الحقيقة هو حديث يجرنا لاستحضار يوجين الكلبي الذي خرج
ذات يوم يحمل مصباحا في واضحة النهار قاصدا السوق حيث عامة الناس منشغلون بحياتهم
اليومية ، وهو يردد " أنا أبحث عن الحقيقة " فهل نحتاج للبحث عن الحقيقة
إلى مصباح في واضحة النهار حيث كل شيء واضح وجلي ؟ هذا السؤال يفتح الباب أمام
جملة من التساؤلات الفلسفية العميقة من قبيل : ما الحقيقة ؟ أو بتعبير أدق ما
حقيقة الحقيقة ؟ ما المقصود بالمعايير ؟ ما الحدس ؟ ما معايير الحقيق ؟ هل الحقيقة
تقوم على معيار التماسك المنطقي ؟ أم على
الحدس ؟ أم من خلال التطابق مع
الواقع ؟ هل معيار الحقيقة عقلاني ام
تجريبي ؟ وما هو المقياس الذي من خلاله يمكن التمييز بين ما هو حقيقي وما هو غير
حقيقي ؟
مطلب التحليل
• يتعين على المترشح (ة) في
تحليله تحديد أطروحة النص و شرحها، و تحديد مفاهيمه و بيان العلاقات التي
تربط بينها، وتحليل الحجاج المعتمد في الدفاع عن تلك
الأطروحة التي مفادها أن تتمثل في الدعوة إلى اعتبار العدالة هي تصحيح للقانون و
يمكن أن يتم ذلك من خلال تناول العناصر الآتية:
•
لا وجود لحقيقة مستقلة عن عقل
الإنسان /العالم
•
تعريف المفاهيم : الحقيقة ، المعايير ، الحدس
،العقل .
•
الحقيقة : منطقيا تعني مطابقة الفكر لذاته
،وواقعيا تعني مطابقة الفكر للواقع .
•
المعايير : المقياس المستعمل لتمييز
القضايا الصادقة عن الخاطئة والفضائل عن الرذائل ....
•
الحدس : الإدراك المباشر للأشياء دون
الاعتماد على أية وساطة .
•
العقل : ملكة الحكم والتمييز وقد يقصد
به المبدأ العام الذي يضفي الوحدة والنظام على كل المعارف ...
•
العلاقة بين المفاهيم علاقة
تداخل وترابط بمعنى أن الحقيقة تقوم على مبادئ عقلانية
• الحقيقة كهدف للمعرفة عامة و للمعرفة العلمية
خاصة .
• مسألة الحقيقة تطرح بالضرورة مشكل المعايير في ارتباطها باختلاف وتعدد الميادين العلمية
• رغم اختلاف العلماء في الوسائل
المعتدة للوصول إلى الحقيقة، إلا أن عملهم يبقى مشتركا ومتكاملا
• دور العقل في إنتاج الحقيقة العلمية ...
مطلب المناقشة
يتعين على المترشح
(ة) أن يناقش الأطروحة من خلال مساءلة منطلقاتها و نتائجها مع إبراز قيمتها و حدودها و فتح إمكانيات
أخرى للتفكير في الإشكال الذي تثيره، و يمكن أن يتم ذلك من خلال العناصر الآتية :
← إبراز قيمة الأطروحة :
التأكيد على قيمة الأساس العقلاني في بلوغ الحقيقة
الحدس والاستنباط كمعيارين لبلوغ الحقيقة (ديكارت)
← إبراز حدود الأطروحة :
- تعدد الحقائق
يؤدي ضرورة إلى تعدد المعايير، وهو ما يعني محدودية و وقصور
المعيار العقلاني
- التصور الاختباري الذي لا يرى من معيار للحقيقة إلا التجربة (التصور التجريبي )
- معيار المنفعة والفعالية بوصفه معيارا لما هو حقيقي و صائب(التصورالبرغماتي/ وليامجيمس)
- معيار المعرفة الوجدانية الحدسية المؤسس لحقيقة مطلقة تتجاوز مجال اشتغال العقل
والحواس(باسكال)
مطلب التركيب
• تعين على المترشح (ة) أن يصوغ تركيبا يستخلص فيه نتائج تحليله و مناقشته مع تقديم رأي شخصي مدعم، يمكن أن يتم ذلك من خلال :
• إبراز الطابع الإشكالي لمفهوم الحقيقة و مسألة معاييرها، وما أفرزته من اختلاف في وجهات نظر الفلاسفة .
•
تكامل المعايير يعد مخرجا ممكنا لمعالجة الإشكال .
•
اختلاف المعايير باختلاف الحقائق المراد الوصول إليها
(الحقيقة العلمية/ الدينية/ الفلسفية ...)
لتحميل درس الحقيقة من هنا
لتحميل منهجية النص بصيغة PDF من هنا
مشاهدة تمرين تطريقي على منهجية النص الفلسفي من هنا