يسعد مدونة بيت الحكمة أن تقدم لتلامذتها الأعزاء دروس مادة الفلسفة
لكل الشعب والمسالك
يعتبر الإنسان من حيث الأصل موجود طبيعي ، لكنه بين كائنات الطبيعة
جميعا أشدها حنينا إلى التخلص من جبرية الظواهر، و أقواها نزوعا نحو التحرر من أسر
الضرورة، و على الرغم أن الإنسان هو الموجود الوحيد الذي لا يكاد يكف عن
تكذيب شهادة شعوره، واضعا وجود نفسه موضع تساؤل و من هنا فإننا ما نكاد
نتحدث عن مشكلة الحرية حتى يتملكنا دوار عقلي عنيف فإننا نعرف أن هذه
المشكلة هي مشكلة صراعه مع الطبيعة و المجتمع و الماضي.
هل الإنسان حر فيما يأتيه و ما يصدر عنه من أفعال أم أنه خاضع لقوى
خارجية أو داخلية لا يعلم منها شيئا ؟ و بالتالي هل يتحمل الإنسان مسؤولية
أفعاله أم أنه قاصر تسقط عنه المسؤولية ؟ وهل الإنسان مخير أم مسير؟ و ماذا يعني
أن يكون الإنسان حرا؟ ما علاقة الحرية بالإرادة؟ و إذا كان الإنسان كائنا حرا إجتماعيا
يعيش داخل دولة تحكمها القوانين في علاقة الحرية بالدولة وبالتالي ما
علاقتها بالقانون؟ هل الدولة ترسيخ لحرية الفرد من خلال ما تصنعه من حقوق وما تفرض
عليه من قوانين وواجبات؟ أليس في القوانين المفروضة عليه قضاء على حريته و
إلغاء لمفهوم الحرية؟ ألا تكون الدولة تقييدا أو استعبادا لنا؟ وإذا سلمنا بالحرية
داخل الدولة مادامت تضمن لنا حقوقنا :فما هو الحد المشروع الذي ينبغي أن تتوقف عنده سيادة الفرد على نفسه ؟
المحور الأول: الحرية و
الحتمية :
بعدما اشتد الخلاف في الإسلام بين أنصار الحرية و خصومها ظهرت محاولات جديدة
بقصد التوفيق بين القول بإرادة حرة و القول بالقضاء و والقدر
يقول ابن رشد (إن الله خلق لنا قوى نقدر بها أن نكتسب أشياء هي عبارة
عن أضداد، و لكن اكتساب تلك الأشياء لا يتحقق لنا إلى بمواتات أسباب سخرها الله
لنا من خارج فالأفعال المشوبة إلينا تتم بالأمرين معا أعني بإرادتنا و
بالأسباب الخارجية) حتى إن ابن رشد سلم بحرية إرادتنا لكنه لا ينكر وجود
الضرورة أصلا يقول : إذا و رد علينا أمر مشتهى من خارج
اشتهيناه بالضرورة من غير اختيار و تحركنا إليه، وإذا طرأ علينا أمر مكروه هربنا
منه بالضرورة فالحرية هنا منعدمة وارادتنا مرتبطة بعوامل خارجية، بحيث تكون
إرادتنا الباطنية معلولة للأسباب الخارجية ليس إلا توكيدا للنظرية القائلة بالقضاء
و العدل. فالإرادة الإنسانية ترتبط بأسباب تجر على ترتيب ونظام محددين كما قدرها
الله عز وجل ،فالأفعال الإنسانية تجري وفق أوقات ومقادير محددة.
لتنزيل الملخص كاملا بصيغة PDF أنقر أسفله