إن تطور الفلسفة اليونانية وازدهارها ما كان بالإمكان أن يتم لولا المجهودات التي بذلها كل من سقراط وأفلاطون وأرسطو، فلهم يعود الفضل كما قال شيشرون عن سقراط في إنزال الفلسفة من السماء إلى الأرض، أي من الانتقال من التفلسف في الكون والطبيعة إلى التفلسف في الوجود الإنسلاني. فماذا نعرف عن هؤلاء الفلاسفة ؟
سقراط
ولد في احدى ضواحي أثينا حوالي 468 قبل
الميلاد من أب كان يمتهن صناعة التماثيل، ووالدته كانت قابلة. لهذا اشتغل منذ
طفولته بنحث التماثيل كما كان والده، ثم أغرم بالفكر واشتغل بالجدل وأخذ يطوف بين
الناس يجري معهم الحوار ويثير المشاكل الفكرية .
و يأسف مؤرخو الفلسفة لعدم وجود مؤلفات
لسقراط كتبها بخط يده، فكل ما نعرفه وكل مصاردنا عنه هو ما وجد من كتابات تلامذته
ومحاوراتهم وعلى الأخص أفلاطون وزينوفون.
وقد امتاز سقراط بسرعة الفهم وحدة الذهن،
وحضور البديهة، كما كان بارعا في المناقشات ودقته في كشف ألاعيب الخصوم التي يحاولون
إيقاعه فيها. وبعد حياة حافلة بالشهرة والصيت وقوة النفوذ الشعبي تألبت عليه أحداث
الزمان واتهب بإفساد عقول الشباب وأخلاقهم ونكران الآلهة، ثم قدم للمحاكمة فحكم
عليه بالإعدام .
وقد كان الإعدام يتم من خلال تقديم كأس فيه سم يسمى كأس الشكران، فشرب منه سقراط وفاضت روحه.
أفلاطون
ولد في أثينا ( 428-374 ق.م)من أصل عريق وأب
واسع الثراء فنشأ في بحبوحة من النعيم ورغد من العيش، ألف في شبابه الشعر، واشتغل
بالعلوم، إلا أن ميله للحكمة وإقباله عليها طغى على كل الجوانب الأخرى من حياته.
تتلمذ أفلاطون على يد سقراط زهاء الثماني سنوات، أحبه وتأثر بطريقة موته، بعد إعدام أستاذه غادر أثينا وقضى عشر سنوات متجولا. ثم عاد إليها واستقر بها، عاكفا على دراساته الفلسفية، متخذا من أحد ملاعب أثينا مكانا لأكاديميته التي درس فيها فلسفته وكل ما له صلة بالمجالات المعرفية الأخرى كالرياضيات والفلك والموسيقى والأخلاق والتاريخ ... وقد خلف أفلاطون العديد من تلامذته، ويبقى أرسطو أكثرهم شهرة.
أرسطو
نشأ أرسطو في إحدى المدن اليونانية القديمة (
أسطاغيرا) وكانت ولادته حوالي (384-322 ق.م) من أسر اشتهرت بالاشتغال بالطب من أب
كان طبيبا لأحد ملوط مقونيا الذي كان جدا للإسكندر المقدوني.
التحق أرسطو باكاديمية أفلاطون فتميز عن أقرانه وأظهر من الذكاء الخارق والإطلاع الواسع ما اكسبه إعجاب أستاذه أفلاطون.
وبعد مضي عشرين سنة قضاها في الاكاديمية متعلما تارة ومعلمة تارة أخرى، غادرها بعد وفاة أستاذه، رحل بعد ذلك من أثينا إلى أسيا الصغرى ثم استدعاء الملك فيليبوس ووكل إليه مهمة تعليم وتثقيف إبنه الاسكندر.
وبعد بضع سنوات عاد إلى أثينا وأسس مدرسة
قبالة اكاديمية أستاذه سماها بالليسي ( أو الليتيوم)، واعتاد ان يلقي دروسه على
تلامذته وهو يمشي وهم يسيرون وراءه، حتى سميت مدرسته بالمدرسة المشائية ( نسبة
للمشي) كم يعود لأرسطو الفضل في إكتشاف علم المنطق، وقد لقب بالمعلم الأول، وقد
تميزت كتاباته بتعدد المجالات التي كتب فيها ( الفيزياء، علم الحياة،الاخلاق،
السايسة، الميتافيزيقا....)