يتعرف كل شخص على ذاته
ويدركها بوصفها أنـا تميزه عن غيره وتكسبه هويته وماهيته رغم ما يعتريه من تغيرات،
لكن تحديد أساس هوية الشخص اختلف في شأنه الفلاسفة مما يدفعنا لطرح التساؤلات
التالية : ما الأساس الذي تقوم عليه هوية الشخص ؟ وهل هذه
الهوية ثابتة أم متغيرة ؟
لقد تبلور عبر تاريخ الفلسفة موقف وتصور ذو نزعة روحانية حاول الإجابة من خلاله عن الإشكال السالف مفاده، أن ما يضمن هوية الشخص ومطابقته لذاته هو جوهر روحاني كامن فيه والذي لا تمثل الطباع سوى أعراض وتمظهرات له. وقد اتخذ هذا الجوهر عبر تاريخ الفلسفة أسماء متعددة كالنفس، الفكر، الشعور...فعند ابن سينا مثلا ،اتخذ هذا الجوهر الروحاني اسم النفس، فما يبقى في الفرد هو هو منذ ولادته وحتى وفاته هو تلك النفس الخاصة به والمزودة بشكل فطري بقوة تسمى لدى هؤلاء الفلاسفة بالقوة الحافظة أو القوة الذاكرة والتي بمقتضى توفر الفرد عليها يشعر دوما أنه نفس الشخص مهما كانت التغيرات التي تطرأ على جسمه يقول ابن سينا : " تأمل أيها العاقل أنك اليوم في نفسك هو الذي كان موجودا جميع عمرك حتى إنك تتذكر كثيرا مما جرى من أحوالك، فأنت إذن ثابت ومستمر لاشك في ذلك، وبدنك وأجزاؤه ليس ثابتا مستمرا بل هو أبدا في التحلل والانتقاص " .